«حسم إيراني وتسويف لبناني: هل يسير لبنان نحو إنفجار جديد؟»

«حسم إيراني وتسويف لبناني: هل يسير لبنان نحو إنفجار جديد؟»

  • ٠٣ آب ٢٠٢٥
  • أنطوني سعد

لبنان لا يملك ترف التأجيل أكثر. وكل لحظة إضافية من المماطلة تقرّبه من لحظة الإنفجار… ليس فقط مع إسرائيل، بل مع ذاته أيضاً.

قبل أيام من الموعد المفترض لانعقاد الجلسة الحكومية، جاء الحسم من طهران لا من بيروت. السفير الإيراني مجتبى أماني وضع النقاط على الحروف: لا تسليم لسلاح حزب الله، لا اليوم ولا غداً. فالوظيفة الإستراتيجية لهذا السلاح وفق الرؤية الإيرانية لم تنتهِ، والنقاش حوله لا يُجرى في بيروت بل في طهران وواشنطن. أما لبنان، فهو مجرد ساحة تنفيذ.

 

بهذه المعلومات التي نقلت عن مصدر دبلوماسي غربي يعمل على خط الوساطة بين طهران والغرب، أسقطت طهران عملياً كل المبادرات، من إقتراح براك الذي يتحدث عن جدول زمني لنزع السلاح مقابل إنسحاب إسرائيلي تدريجي، إلى إقتراح برّي القائم على إدارة مشتركة بين الجيش وحزب الله لتحديد الجدول… كل ذلك بات بلا معنى، لّأن القرار ليس في يد الدولة.

 

حزب الله حسم موقفه: لا لسحب السلاح.

نبيه برّي يلعب دور الوسيط الذي يوازن بين الإلتزام بالمحور الإيراني وتقديم حلول قابلة للتسويق أمام الخارج كسباً للوقت.

 

الرئيسان سلام وعون، يبحثان عن مخرج شكلي: لجنة، صيغة، بند غامض في محضر الجلسة، أي شيء يشتري الوقت ويمنع الإنفجار.

لكن الأزمة تتجاوز الشكل. إنّ المجتمع الدولي يطالب بفعل لا ببلاغ، والموفد السعودي الأمير يزيد ينتظر الجلسة ليقرر ما إذا كانت الحكومة قادرة فعلاً على الإلتزام، أم أنّها باتت رهينة حزب الله كما سابقاتها. غير أنّ المعادلة واضحة، إما أن تُقرّ الحكومة آلية واضحة للسير بنزع السلاح، أو أن تبدأ مرحلة العقوبات، وربما أكثر.

 

 

الضبابية في تل أبيبوالقلق من زيارة كوريلا

الرد الإسرائيلي لم يحسم شكله بعد، هل سيكون حرباً طويلة، أم ضربات أقوى، أم إغتيالات… لكنه محاط بقلق حقيقي. فيما زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا إلى إسرائيل تفتح العيون. فإنّ الرجل لا يزور المنطقة في لحظات هدوء، والتجارب السابقة تؤكد أنّ حضوره يرتبط غالباً بعمليات كبرى تُطبخ بصمت.

في المقابل، حزب الله يراهن على هشاشة الوضع الإسرائيلي، من ناحية الحكومة المأزومة، والتصعيد في غزة، والإشتباكات في الضفة، والإنقسام الداخلي الإسرائيلي. وحسب تقدير الحزب أنّ تل أبيب لا تملك ترف فتح جبهة كاملة في الشمال. لكن الخطأ في الحسابات قد يكون قاتلاً، كما حصل في حرب الإسناد.

 

المعارضة السيادية أمام لحظة الحقيقة

بين كل هذه التعقيدات، تُسلّط الأضواء على المعارضة السيادية، هل تنسحب القوات والكتائب من الحكومة في حال تجاهل أو تسويف مطلب نزع السلاح؟ أم يكتفون بالإعتراض الشكلي حفاظاً على ما تبقّى من نفوذ سياسي داخل المعادلة الحكومية؟ وتكون كل المطالبات بالسيادة ونزع السلاح مجرد خطاب شعبوي؟ فجعجع والجميل أكثر من غيرهم أمام إمتحان الحقيقة، هل يختارون جنّة الحكم أم المبادئ التي إنتخبهم الناس على أساسها؟ وإذا اختاروا جنّة الحكم، فما الفرق بينهم وبين ميشال عون وجبران باسيل اللذين باعوا المبادئ  في العام 2006 مقابل المصلحة الخاصة؟

فيما الشارع يراقب بقلق، والمجتمع الدولي يُحصي الأفعال. الثلاثاء المقبل يقترب - موعد الجلسة الحكومية لمناقشة الجدول الزمني لنزع السلاح-

ولبنان لا يملك ترف التأجيل أكثر. وكل لحظة إضافية من المماطلة تقرّبه من لحظة الإنفجار…

ليس فقط مع إسرائيل، بل مع ذاته أيضاً.