لبنان خلال زيارة البابا.. بلد يلتقط أنفاسه قبل العاصفة

لبنان خلال زيارة البابا.. بلد يلتقط أنفاسه قبل العاصفة

  • ٠٢ كانون الأول ٢٠٢٥
  • ناتالي أبو حرب

في الشارع، الناس يشعرون وكأنّ زيارة البابا كانت إستراحة روحية قبل عودة الواقع القاسي.

الزيارة حملت رسالة، نعم. لكنها وضعت لبنان أمام مرآة قاسية؛ بلد يطلب البركة، فيما أرضه تتشقق تحت قدميه. بلد يعيش على الخط الرفيع بين السلام المؤجل والحرب المحتملة.
انتهت زيارة البابا ليون إلى لبنان. انتهت الصور، والابتسامات، والهتافات التي ملأت الشوارع كأنها تستعيد نبضًا قديمًا. لكن ما إن غادر موكبه أرض المطار، حتى عاد المشهد الحقيقي إلى الواجهة؛ بلد معلّق بين رسالة أمل وموجة تهديدات لا تشبه سوى مقدمات الانفجار.
لبنان اليوم يقف تمامًا في «الفراغ الفاصل بين معجزة لم تحصل، وكارثة تخشى الناس أن تقترب». كلّ شيء يوحي بأن الهدوء هشّ، وأنّ ما بعد زيارة البابا ليس مجرد أيام عادية، بل مرحلة انتظار مرهق، كأنّ البلد دخل في زمن العدّ العكسي.

فالقادة يكررون رسائل الطمأنة، لكن التهديدات على الحدود الجنوبية تتوسع، والحديث عن تصعيد قبل الأعياد لم يعد همسًا بل صار إعلانًا شبه رسمي. الكل يسمع، والكل يتوقع، والكل يعرف أن لبنان لا يحتمل حربًا أخرى. ومع ذلك، فإن دقّات الساعة تُسمع أعلى من أي خطاب سياسي.
في الشارع، الناس يشعرون وكأنّ زيارة البابا كانت استراحة روحية قبل عودة الواقع القاسي. لا أحد يقول شيئًا، لكن كل شيء يُقال.

أين يذهب بلد استنفد كل طاقته على الإحتمال؟ إلى أي جهة يتجه شعبٌ خائف، مُرهق، يعيش تحت سقف الخطر منذ سنوات؟ ومتى يتعلم اللبناني أنّ كل «هدنة» في حياته ليست أكثر من فاصل قصير بين نكبتين؟
الزيارة حملت رسالة سماوية، نعم. لكنها وضعت لبنان أمام مرآة قاسية؛ بلد يطلب البركة، فيما أرضه تتشقق تحت قدميه. بلد يعيش على الخط الرفيع بين السلام المؤجل والحرب المحتملة. بلد يتعلّق بخيط رفيع، خيط إذا انقطع لن يجد أحد وقتًا لالتقاطه.

ما ينتظر لبنان؟
لا أحد يعرف. لا السياسيون، ولا الأمنيون، ولا حتى الذين يهددون بالحرب يعرفون ما الذي سيبقى من هذا البلد إذا فتحت أبواب النار.
لكن ما هو مؤكد أنّ لبنان يقف اليوم في أخطر مرحلة منذ سنوات؛ مرحلة الانتظارالذي ينهش يوميات البلد كل يوم.