ذكرى الخراب.. عام على حرب لم تنتهِ فصولها
ذكرى الخراب.. عام على حرب لم تنتهِ فصولها
هذه الحرب، لم تُسفر إلّا عن جروح جديدة، ودماء لا تجفّ، وأرقام صادمة تكشف حجم المأساة
عامٌ على حرب لم تجلب للبنان سوى الموت والدمار والانقسام. في 23 أيلول 2024 اندلعت الحرب الإسرائيلية الوحشية على لبنان.ومع حلول الذكرى الأولى لهذه الحرب، تبدو الحصيلة واضحة: لبنان خسر كثيراً، بينما لم يحقق شيئاً يُذكر. اليوم، بعد إثني عشر شهراً، تُطرح الأسئلة الكبرى: ماذا تغيّر؟ هل اقترب لبنان من توقّف الحروب؟ أم أنّه غرق أكثر في الأزمات، وخسر ما تبقّى من استقراره الهشّ؟
الأرقام صادمة تكشف حجم المأساة.
إنّ أكثر من 4 آلاف قتيل، ونحو 17 ألف جريح، وأكثر من 82 ألف نازح ما زالوا عاجزين عن العودة إلى منازلهم . منذ إتفاق وقف إطلاق النار، سُجّل ما يزيد عن 4500 خرق إسرائيلي، في وقتٍ لا تزال إسرائيل تحتل خمس تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى أراضٍ أخرى محتلة منذ عقود.
هذه الحرب، لم تُسفر إلّا عن جروح جديدة، ودماء لا تجفّ، وخسائر فادحة في الأرواح والبنى التحتية. لم تُحرّر أرضاً، لم تغيّر معادلات أو موازين قوى، بل زادت لبنان ضعفاً وانقساماً، وأدخلته في دوامة عنفٍ جديدة كان بالغنى عنها، كما جرّت شعباً بأكمله إلى معركة غير متكافئة لا يملك مقوّماتها، فحمّلت الإقتصاد والمجتمع أثماناً باهظة لا قدرة له على تحمّلها وزادت من هشاشة الدولة في ظلّ أزماتها الداخلية.
بعد عام، لا يبدو أنّ شيئاً تغيّر نحو الأفضل. إسرائيل ما زالت تفرض واقعها الميداني عبر الإحتلال والخروقات المستمرة. النازحون في غالبيتهم ما زالوا مشرّدين. البنى التحتية تحتاج إلى سنوات لإعادة الترميم، والاقتصاد يترنّح أكثر، والسياسة غارقة في الشلل. أمّا ما سُمّي «نصراً»، فقد تبيّن أنّه عبء إضافي على بلدٍ مثقل أساساً بالأزمات.
عام على الحرب، ولا مكاسب تُذكر.
والأسئلة تبقى معلّقة: هل كان ما حدث «مقاومة» أم انتحاراً سياسياً وعسكرياً؟ هل يحقّ بعد لأي طرف أن يجرّ لبنان كلّه إلى حربٍ مفتوحة بلا قرارٍ جامع؟ وما كانت الجدوى من حربٍ لا نتائج لها سوى الخراب، ولا وظيفة لها سوى تكريس ضعف لبنان وزيادة أزماته؟
فما حصل عبارة عن مغامرة متهوّرة دمّرت ما تبقّى من الدولة، وتركت الناس في خيام النزوح وتحت القصف والخوف. من أوصل لبنان إلى هنا يتحمّل مسؤولية وطنية وتاريخية، لأنّه لا يحقّ لأحد أن يقرّر الحرب بإسم اللبنانيين، ولا أن يحوّل دمهم إلى وقودٍ لمعركةٍ عقيمة.