هل يلوح في الأفق إنهيار إقتصادي جديد في لبنان؟
هل يلوح في الأفق إنهيار إقتصادي جديد في لبنان؟
لبنان اليوم يواجه معادلة قاتلة: لا مساعدة خارجية بلا سيادة داخلية، ولا قدرة على تحقيق السيادة في ظلّ موازين القوى الحالية. وبين هذا وذاك، يظلّ الشعب عالقاً في دوامة الإنهيار، بلا أفق ولا أمل.
لم يعُد السؤال في بيروت عمّا إذا كان الإنهيار الإقتصادي سيعود، بل متى سيحدث وبأي سرعة. فالمؤشرات كلّها تدل على أنّ البلد يقف على حافة أزمة جديدة، قد تكون أكثر قسوة من كل ما عرفه في السابق.
في العام الماضي، ورغم الأزمة المالية الخانقة، عاش اللبنانيون على بصيص أمل: موسم صيف سياحي أنعش السوق نسبياً، أحاديث عن إنتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة قادرة على إستقطاب الدعم، وحتى وعود بمفاوضات مع المؤسسات الدولية. هذه العناصر مجتمعة ساعدت في إبقاء الوضع تحت السيطرة، ولو بشكل هشّ. لكن هذا العام تبدّدت كل تلك الآمال. الصيف إنتهى بلا مردود حقيقي، لا حكومة فاعلة، والمفاوضات تجمّدت. النتيجة: بلد يترنح من دون أي طوق نجاة.
الأخطر أنّ الخارج أوضح موقفه بشكل غير مسبوق. دول الخليج، التي لطالما ضخت أموالاً في الإقتصاد اللبناني، أعلنت بوضوح أنّها لن تعود إلى سياسة الشيكات المفتوحة. وأفادت معلومات من أوساط سياسية في الخليج أنّ الموقف هذه المرّة نهائي وحازم: لا دعم قبل حلّ معضلة السلاح غير الشرعي، أي قبل وضع ملف «حزب الله» على الطاولة. هذا الشرط بات بمثابة خط أحمر لا يمكن تجاوزه، حتى لو دخل لبنان في إنهيار جديد يهدّد إستقراره الإجتماعي والمالي. في المقابل، أوروبا والولايات المتحدة ليستا في وارد إستخدام أموال دافعي الضرائب لإنقاذ دولة لا تقدّم إصلاحات ولا تبسط سيادتها. وهكذا يجد لبنان نفسه وحيداً تماماً، بلا غطاء عربي أو غربي.
الإنعكاسات المباشرة لهذه العزلة ستظهر في الليرة اللبنانية. فكما اشتعل سعر الصرف في السابق ليصل إلى مئة ألف وأكثر، لا شيء يمنع من أن يقفز هذه المرّة إلى مئتي ألف أو ثلاثمئة ألف وربما أكثر. فالسوق هشّ، الثقة معدومة، والإقتصاد يعمل بلا أي قواعد أو مؤسسات حقيقية.
المأساة أنّ اللبناني العادي لم يعُد يملك ما يقيه. المدخرات تبخّرت، الرواتب لا تكفي، والمساعدات الدولية تمرّ عبر قنوات ضيّقة ومشروطة. أي أزمة جديدة في سعر الصرف ستترجم فوراً بإرتفاع جنوني في الأسعار، وإفقار شريحة أوسع من الشعب.
لبنان اليوم يواجه معادلة بسيطة لكنها قاتلة: لا مساعدة خارجية بلا سيادة داخلية، ولا قدرة على تحقيق السيادة في ظلّ موازين القوى الحالية. وبين هذا وذاك، يظلّ الشعب عالقاً في دوامة الإنهيار، بلا أفق ولا أمل.