بالفيديو.. «هيدا أنا».. محمد وزينب قلبان من قارتين

بالفيديو.. «هيدا أنا».. محمد وزينب قلبان من قارتين

  • ١٩ تموز ٢٠٢٥
  • إلياس معلوف

يقتربون مني وكأنّ لوني قناع مزيف وليس حقيقياً، متسائلين هل هذه البشرة تميل إلى السمرة أم هي صبغة ما!

في عالمنا المليء بالتنمّر والتمييز، وفي المقابل بالخطابات المناهضة للعنصرية والدراسات والمبادرات حولالعوامل والنتائج وغيرها. هناك قصص تشبه الحياة بصدقها وتلقائيتها تكسر الأعراف والصور النمطية بعفوية، وسيلتها حسّ إنساني وقلوب صادقة لم تقوَ عليها القلاع المحصنة بأفكار رفض المختلف ولو كان هذا المختلف من طبيعة الوجود البشري. هذه هي قصة الحبّ التي جمعت زينب ومحمد..      
- يدقق الناس في لون  بشرتك، لماذا؟
يقتربون مني وكأنّ لوني قناع مزيف وليس حقيقياً، متسائلين هل هذه البشرة تميل إلى السمرة أم هي صبغة ما! أشعر بنظرات الإشمئزاز مني.  هم ليسوا أطفالاً تدفعهم براءتهم، إنّما أشخاص بالغين. 
 - أنتِ بقيتِ خارج المستشفى فقط لأنّ بشرتك سمراء؟
نعم نعم. لأّن المستشفى يجب أن يدخلها بيض البشرة فقط، وكأنّ بشرتي لم يخلقها الله.
هناك الكثير من الناس يعتقدون أنّ هذه البشرة لم يخلقها الله،  أصحاب هذه البشرة لا مكان لهم سوى مهام عمال التنظيفات والمستشفى الحكومي الذي قصدته عاملني بهذه الذهنية أيضاً. لم يُسمح لي بالدخول  والله وحده يعلم في تلك اللحظات ربما كنت  بين الحياة والموت. ولم يُسمح لي بدخول المستشفى إلا بعد العديد من المعاملات التي قد لا يطلبونها  من مريض آخر ما أريد قوله أنّ هذه البشرة هي بالفعل صبغة، لكنها صبغها خلقها الله، في الشارع مثلًا، يرمقونني بنظرات لتشعرني بالدونية وبالصغر، فهمت ماذا أعني؟ لكن أنا دائماً أحصّن نفسي كي لا يؤثر هذا الشيء عليّ أبدًا..   
- ماذا تقولين لطفلة تتعرض للتنمر بسبب بشرتها الملوّنة، كيف تدعمينها؟ ماذا تقولين لها؟
كوني قوية، وهذه البشرة جميلة،  يجب أن نزرع في رأس الطفل أنّ الله هو الذي خلقه، الله هو الذي اختار له هذا اللون، نعلمه أن يحبه ويفخر به، لكي لا تؤثر به سخرية الآخرين.
عندما خطبني محمد كنت أسمع دائماً، إذهبي وتزوجي واحدًا من بلدك أفريقيًا مثلك، هو أجمل منك، والكثيرمن الكلام التحقيري المماثل.
 -ماذا يعني هو أجمل منك، أنتِ جميلة أيضاً؟
شكرًا. محمد جميل وسيبقى جميلًا، بمعنى لماذا يريد أن يتزوج أفريقية بدلاً من زوجة  لبنانية؟ حتى أنّهم  إتهموني بأنّّي رميت سحر أم عباس على محمد لكي يحبني. لكن محمدهو إنسان محترم ومؤدب جدًا، ومهما تعرّض لضغوط يبقى نفس الشخص لا يتغير أبدًا.!

- محمد من هي زينب بالنسبة لك؟ 
هي كل شيء في حياتي. تخيل أنّك تمشي في الشارع، وينظر أحدهم إلى زوجتك نظرة إزدراء، وكأنّه يقول لك لماذا تزوجت سوداء عفوًا على التعبير. أقول لها: طالما أراكِ أنا أجمل شيء في حياتي، لا تنظري إلى أحد. 
-أعتقد أنّكم ستحظون بأولاد يتمتعون بالجمال هناك إحتمال جيني أن يولدوا ٥٠ بالمئة بيض وخمسين بالمئة سود البشرة؟
أكيد، أنا أرغب بذلك،  حتى لو ورثوا البشرة السمراء كلياً هذا يعجبني، أحب أن يكون أولادي مختلطي اللون(metisse). ربما قد يتعرضون للتنمّر والمضايقات، قد يقال لهم تلك التعليقات النمطية مثل،ماذا تفعل هنا، أنت مكانك تنظيف السلالم وجمع القمامة، كل هذه الأمور آخذها بالحسبان
وتقول زينب: سأزور وإياهم أفريقيا ليتعرفوا على عائلتي، غير أنّني أرغب أن يتربوا في لبنان، ويتشربون الثقافة اللبنانية.
أمومة القلب والصداقة
وعن السيدة اللبنانية التي ربت زينب بمثابة أمها غير البيولوجية تقول: لقد فارقتنا فجأة، فراقها أصعب من فراق أمي التي ولدتني، هي جزء من تاريخي الشخصي ومن يومياتي  كنا نتشارك عاداتنا اليومية،الأكل، التسلية، الصلاة سوياً. لطالما نادتني يا ابنتي، عاملتني كأولادها وهي أم لعشرة أولاد. لكنني عشت معها، تشاركنا  كل اللحظات الجميلة،هي ذاكرة الفرح بالنسبة لي، لو كانت على قيد الحياة لباركت محمد ووضعته في قلبها.. 
وزينب فقدت صديق بمثابة أخ لها في الحرب الأخيرة على الجنوب اللبناني، وبحسرة تستذكر ضحكته ورفقته الطيبة وابتسامته متمنية لو تسنى لها رؤيته قبل استشهاده. زينب التي عاشت حياة مليئة بالعطف والحبّ في كنف العائلة التي ربتها، تشعر بالإنتماء الى لبنان وتقول، إنّه من أجمل البلدان ولا يستحق ما يصيبه من مآسٍ،  فهي تحبّ لبنان حبّاً يفوق حبّها لبلدها الأم.