القوات اللبنانية": تحالفات هجينة تتضارب مع مفهومها السيادي

القوات اللبنانية": تحالفات هجينة تتضارب مع مفهومها السيادي

  • ١٢ أيار ٢٠٢٥

في موسم الانتخابات البلدية، تكشف الأحزاب عن وجوهها الحقيقية. وها هي "القوات اللبنانية" تسقط في اختبار المبادئ، بعدما اتّخذت من "الغاية تبرّر الوسيلة" شعاراً غير معلن، فدخلت في تحالفات هجينة، تناقض خطابَها السيادي وتُربك جمهورَها الحزبي.


تحالفات على حساب المبادئ

ما كان يُنتظر من "القوات" أن تثبته في الشمال وعكار، كحزبٍ مستقل، تكسّر على أرض الواقع. فبدلاً من تشكيل لوائح تعكس وضوح التوجّه الحزبي، دخلت في تحالفات مع وجوه كانت قبل أيام فقط تصفها بـ"الخصوم". البعض من هذه التفاهمات أُبرم فقط لأن لا حليف أفضل متاح. النتيجة؟ خريطة سياسية مهزوزة ومواقف متناقضة تُفقد "القوات" صدقيتها أمام جمهورها.
بشري: الهيمنة أولاً
في بشري، مسقط رأس سمير جعجع، طغى منطق السيطرة على المجلس البلدي على منطق الكفاءة والانسجام. رشّحت النائب ستريدا جعجع مجموعة غير متجانسة من الأسماء، مما ينذر بصدامات داخل المجلس وتباينات سياسية ستنفجر لاحقًا، إن فازت اللائحة "كما هي".

ثنائية الخصومة والتحالف: من عكار إلى البترون

في عكار، ظهر المشهد المتوقّع: خصومة بين "القوات" و"التيار الوطني الحر"، ومرشحون متقابلون. لكن المفاجأة كانت في البترون، حيث دخل الطرفان في تحالف انتخابي، بحجة "الاعتبارات المحلية". هل تغيرت العقيدة السيادية فجأة؟ أم أن المكاسب الانتخابية باتت تبرّر كل شيء؟

طرابلس: حيث فشلت القيادة الحزبية

في طرابلس، وبعد غياب "تيار المستقبل"، فشلت "القوات" في طرح بديل سياسي واضح أو وجوه تغييرية تحمل خطاباً جديداً. بدلاً من ذلك، انساقت نحو تحالفات قائمة على العائلات والمصالح الآنية، مكرّسة النهج التقليدي الذي لطالما ادّعت "القوات" التمايز عنه.

جبل لبنان: انتصارات بلا انتماء

في جونية، فازت الاحد الماضي لائحة مدعومة من أطراف عدة، ولم يُحسب هذا الفوز على "القوات". أما في كسروان، فقد دعمت "القوات" مرشحين من خلفيات عائلية أو حتى مقربين من "التيار الوطني الحر" في بلدات كالغينة، فاريا، حراجل، وعشقوت. تناقض فاقع بين الخطاب والممارسة.

جبيل وعاليه: اللعب تحت الطاولة

في جبيل، دعمت "القوات" لائحة فادي مارتينوس التي فازت في قرطبا، ولكن من دون إعلان حزبي واضح، لتفادي الاستقطاب. وفي الكحالة، تبنّت فوز عبود بجاني، رغم أنه نفى دعمه من أي جهة سياسية. تكتيك الدعم الخفي بات أسلوبًا معتمدًا لتوسيع النفوذ بلا محاسبة.

المتن: تقاطع مصالح مريب

التحالف مع شخصيات محسوبة على إلياس المرّ في المتن شكّل أبرز مؤشرات فقدان الهوية السياسية لـ"القوات". لم يعد الأمر مجرد مرونة سياسية، بل تحوّل إلى تخلٍ كامل عن الثوابت، ما يضع الحزب أمام أسئلة وجودية حول مصداقيته وتوجهاته.

نهاية: ضياع الهوية... ومساءلة الجمهور

بين السيادة والشعبوية، بين الخطاب والممارسة، تبدو "القوات اللبنانية" اليوم كحزب مأزوم، يلهث خلف الفوز بأي ثمن. تحوّلت إلى ماكينة انتخابية بلا هوية، متخبطة بتحالفات ظرفية وقرارات موسمية، تُربك جمهورها وتُضعف خطابها. والنتيجة؟ جمهور تائه يسأل: هل ما زالت "القوات" تمثّل ما كانت تدّعيه، أم أنها تخلّت عن كل شيء مقابل مقعد بلدي؟.