7أيار 2008.. إنّه ليوم مجيد!
7أيار 2008.. إنّه ليوم مجيد!
عام 2008 تجرأ حزب الله على اللبنانيين، وتجرأ أمينه العام على قول ما قاله.. حينها صوّب سلاحه نحو الداخل، مستغلاً عوامل ومقومات عدة!
في السابع من ايار 2008 زعم الحزب أنه انتصر في خلال ساعات.. وتفاخر بالغطاء السوري والمظلة الإيرانية، في ظل انكفاء العرب وانشغال المجتمع الدولي عن الملف اللبناني. هذا في العامل الأول، أما العامل الثاني فتمثل بالداخل اللبناني، حيث استفاد الحزب عام 2008 من تحالفه مع التيار الوطني الحر، الذي كان يصوّر نفسه في حينه الممثل الشرعي للمسيحيين.
ونتيجة لامتلاكه السلاح، فرض الحزب سلطته في تشكيل الحكومات في لبنان، وفرض الأسماء التي يريدها في مواقع الرئاسة الثلاث، فحكومات فؤاد السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام وحسان دياب لم تخلُ من وزراء استخدمهم الحزب لتعطيل إصدار أي قرار عن السلطة التنفيذية.
عام 2011 استقال وزراء الحزب من حكومة سعد الحريري احتجاجا على موقف الحكومة من المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري. وفي العام 2015 جمد وزراء حزب الله 70 مرسوما عقب مقاطعتهم جلسات حكومية احتجاجًا على معالجة ملف مناقصات شركات النفايات.
عام 2021 تصرف وزراء الحزب بالطريقة نفسها، فقاطعوا جلسات حكومية احتجاجًا على التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، واتهموا المحقق العدلي طارق البيطار بالتسييس.
كذلك، تمّكن حزب الله داخلياً من إحاطة نفسه ببيئة حاضنة كبيرة. إذ إن عدداً كبيرا من أبناء تلك البيئة هم عناصر في الحزب، وهو مسؤول عنهم من الناحية الصحية: أسس مستشفيات خاصة كمستشفى الرسول الأعظم إلى جانب عيادات ومستوصفات مجانية مزودة بأدوية إيرانية المنشأ، مررها من دون دفع ضرائب للدولة. أما من الناحية الاقتصادية فقد أنشأ الحزب "مؤسسة الشهيد والهيئة الإنسانية" وقدم مساعدات مادية وغذائية عبر بطاقات تموينية. وأخيرا، الحزب تعهد بإعادة المنازل التي دُمرت في الحروب وبتقديم رواتب لعوائل الضحايا والجرحى.
في العامل الثالث، سلاح الحزب. كان بحوزة حزب الله ترسانة عسكرية ضخمة تُعدّ من الأكبر بين الجماعات غير النظامية في العالم، وتتضمن أكثر من 130 ألف صاروخ متنوع، من بينها صواريخ دقيقة وقصيرة إلى متوسطة المدى مثل "فجر" و"زلزال" و"فاتح-110"، بالإضافة إلى صواريخ مضادة للدروع مثل "كورنيت" و"فاغوت"، ومضادة للطائرات كـ"ستريلا" و"إيغلا"، فضلاً عن صواريخ بحرية مثل "ياخونت" و"سي-802". كما يستخدم الحزب طائرات مسيّرة هجومية واستطلاعية، ويدير شبكة أنفاق واسعة تحت الأرض.
من العوامل التي مكّنت حزب الله أيضا في فرض سيطرته وسلطته وترهيب اللبنانيين، وصولاً إلى رفع السلاح بوجههم، والتهديد عند كل مفترق بـ7 أيار جديد، هو العامل الرابع، المتمثل بسيطرة الحزب على الأجهزة الأمنية وذلك من خلال التدخل بتعيينات قادة هذه الأجهزة وفرض أسمائه بالقوة، يغيب قضايا وحوادث ويجبر السلطات المعنية بعدم ملاحقة الجناة، وتبليغه قبل القيام بأي إجراء قانوني.
اليوم، وبعد 17 عامًا، جُرد حزب الله من كل تلك المقومات.
فعلى صعيد الدعم الإيراني، خسر الحزب "أمه الحنون" التي كانت تخصص له ميزانية تتراوح بين الـ700 مليون والمليار دولار سنويا. بالإضافة إلى تهريبها أسلحة عبر سوريا وتمريرها عبر الحدود التي منع الحزب الدولة من ضبطها. أما عسكريا فقد قدم الحرس الثوري تدريبات بشكل دوري لمقاتلي الحزب.
بعد الحرب مع إسرائيل خسر الحزب قوته العسكرية وسقطت هالته وقادته واحدًا تلو الآخر وبدا ضعيفاً ومخترقاً.
داخلياً، تقلّص نفوذه في الحكومة والأجهزة، لا بل أكثر من ذلك، قامت الحكومة بتعيين قادة الأجهزة الأمنية بالاعتماد على الكفاءة والمناقبية لا على قرار حزب الله، وفككت شبكات لتهريب تابعة لوفيق صفا في المرافق العامة على رأسها مطار ومرفأ بيروت. كما وضعت الدولة في عهد الرئيسين عون وسلام حدا لتمادي صفا وأمثاله. هذا وانهارت تحالفات حزب الله مع أكثر من طرف داخلي، وعلى رأس القائمة التيار الوطني الحر وتيار المردة اللذان لم يكتفيا فقط بالابتعاد عنه، بل حملاه مسؤولية الدمار الذي خلفته الحرب الأخيرة ودعيا إلى حصر السلاح بيد الدولة. وتكشفت جرائمه في سوريا، وتورّطه في تهريب الكبتاغون، وتبددت صورة "المدافع عن المستضعفين" التي تغنى بها لعقود.
أما على مستوى البيئة الحاضنة فقد بدأت تتململ وتبتعد عنه تدريجياً نتيجة تراكم الأزمات والحروب التي أثقلت كاهلها، ولم تعد الشعارات الجهادية تُقنع الأهالي الذين يعيشون يومياً تحت القصف والفقر والنزوح، وسط غياب شبه تام للتعويضات الفعلية رغم الوعود الكثيرة.
٧ أيار مختلف هذه المرة. فمن اعتقد أن بيروت ستهزم إلى الأبد، خسر الرهان. ومن راهن على السلاح ليركّع هذا وذاك بات اليوم أعزل إلا من خطاب ممجوج.
٧ أيار 2025 هو يوم سقوط "حزب الله" أخلاقيًا وشعبيًا.
https://www.instagram.com/reel/DJXBDE0MOHu/?igsh=MWY5MzNvc2pnbnRlOQ==