بالفيديو-تدمير ممنهج للقرى الحدودية بعد وقف إطلاق النار

بالفيديو-تدمير ممنهج للقرى الحدودية بعد وقف إطلاق النار

  • ٢٧ آب ٢٠٢٥

منظمة العفو الدولية: يجب التحقيق في تدمير الجيش الإسرائيلي الواسع والمتعمّد للممتلكات المدنية والأراضي الزراعية في مختلف أنحاء جنوب لبنان باعتبارها جرائم حرب.

تقرير جديد صادر عن منظمة العفو الدولية في 26 آب 2025، والمعطيات التي وثّقتها المنظمة عبر صور أقمار صناعية وفيديوهات لجنود إسرائيليين، تكشف أنّ الجنوب اللبناني لم يكن ساحة إنتصار أكثر منه مسرحًا لتدمير ممنهج، جزء كبير منه جرى بعد وقف إطلاق النار.
وقالت إريكا روسوس كبيرة مديري البحوث في المنظمة، «إنّ تدمير الجيش الإسرائيلي لمنازل مدنيين وممتلكاتهم وأراضيهم في جنوب لبنان جعل مناطق بأكملها غير صالحة للسكن ودمّر حياة عدد لا يحصى من الناس» و«وإنّ إستهتار القوات الإسرائيلية بالمجتمعات المحلية التي دمرتها مقيت»

الدمار في الأرقام: خريطة لجنوب منكوب
الحقائق الرقمية التي تضمنها التقرير ترسم صورة كارثية:
- أكثر من 10,000  مبنى دُمّر أو أصيب بأضرار جسيمة.
- بلدتا يارون والضهيرة محيتا بنسبة 70%  من مبانيهما.
- في كفركلا، دُمر 1,300   مبنى، إضافة إلى 133  فدانًا من الأراضي الزراعية.
- 700  مبنى في مارون الراس سقطت أرضًا، بينها الحديقة الإيرانية الشهيرة التي كانت تضم ملعباً لكرة القدم وملعباً للأطفال.
- في العديسة، تهاوى 580  مبنى، بما في ذلك مسجد ومقبرة.

- أما عيتا الشعب، فكانت الأكثر تضررًا مع انهيار 1,000  مبنى وأربعة مساجد دفعة واحدة. وغالبية المنشآت جرى تدميرها بين أواخر أيلول 2024 ، وأواخر كانون الثاني 2025

 التدمير لم يكن نتيجة معارك
أحد أكثر جوانب التقرير إثارة هو كشفه أنّ التدمير الكبير لم يحصل في ذروة المواجهات، بل بعد توقيع إتفاق وقف إطلاق النار. ويورد التقرير «أنّ  التحليل البصري للرسم البياني ومقارنة مع اللقطات على الأرض وصور الأقمار الصناعية، يبينان بوضوح أنّ تدمير المنشآت المدنية قد تجاوز كثيراً المباني التي زُعم أنّها تضم بنية تحتية لحزب الله»

- 77  مقطع فيديو ولقطات من أقمار صناعية وثّقت جنودًا إسرائيليين وهم يزرعون المتفجرات داخل المنازل، ويقتلعون الحدائق بالجرافات العسكرية.
- تسجيلات لجنود يغنّون بالعبرية: لتحترق قريتكم. ويهتفون فرحًا وسط الركام.
- مشاهد توثّق تدمير ملعب لكرة القدم ونحت نجمة داوود على الأرض كرسالة تحدٍّ واضحة.
هذا يعني أنّ الدمار لم يكن نتيجة حرب، بل كان عقابًا مقصودًا إستهدف البنية التحتية المدنية لحرمان السكان من العودة.

حزب الله لم يعلّق
حزب الله لم يعلّق على التقرير، مكتفيًا بخطابه التقليدي عن الصمود والإنتصار. لكن المعطيات تبين العكس:
- الجيش الإسرائيلي إخترق العمق الحدودي وسيطر ميدانيًا على مساحات واسعة.
- عمليات التدمير استمرّت أيامًا وأسابيع بعد توقف المعارك، ما يعني أنّ الحزب لم يكن موجودًا على الأرض لردعها.
- آلاف العائلات لم تتمكن من العودة إلى منازلها حتى اليوم، بسبب الألغام والدمار الشامل. هذا الصمت الحزبي لا يمكن تفسيره إلا باعتباره اعترافًا ضمنيًا بالعجز

من خطاب الردع إلى خطاب الإنكار
لطالما بنى حزب الله شرعيته على معادلة «الردع» و«الإنتصار». لكنه أمام هذا التقرير يجد نفسه في موقف دفاعي:
- أين ذهبت منظومة الأنفاق والتحصينات التي قيل إنها تجعل الجنوب عصيًّا على الاختراق؟
- كيف تمكّن الجيش الإسرائيلي من تنفيذ عمليات واسعة النطاق من دون مقاومة تُذكر؟
- لماذا تُركت القرى الحدودية لمصيرها، بينما يواصل الحزب التباهي بانتصارات إعلامية؟
الأسئلة ثقيلة، والإجابات غائبة، لكنّ النتيجة واضحة: رواية الإنتصار سقطت.

الجنوب أرض محروقة
أكثر ما يثير القلق هو أنّ هذه السياسة الإسرائيلية ليست مجرد اعتداء عابر، بل تكتيك ممنهج هدفه تفريغ القرى الحدودية من سكانها. وهذا يفتح الباب أمام سيناريوهات مقلقة:
- استخدام الدمار كوسيلة ضغط لفرض واقع ديموغرافي جديد على الحدود.
- تحويل الجنوب إلى منطقة عازلة بلا سكان، أي منطقة محرومة من الحياة.
- إضعاف الحاضنة الشعبية التي يتغذى عليها حزب الله، وتحويلها إلى بيئة يائسة.
في كل هذه السيناريوهات، يظهر الحزب كعاجز لا كحامٍ، وما كشفه تقرير العفو الدولية ليس مجرد توثيق لانتهاكات إسرائيلية، بل هو أيضًا شهادة دامغة أنّ التدمير جرى أمام أعين العالم، والجنوب تُرك لمصيره، فيما الحزب يردّد لازمة «الإنتصار».
الحقيقة أنّ الجنوب لم ينتصر، بل دُفع إلى هاوية الخراب. وما بقي التقرير، لا يتعدى كونه شعارات خاوية تُردّد فوق أنقاض القرى.