الشبيبة في اللقاء مع البابا… حكايات عن الخراب والأمل

الشبيبة في اللقاء مع البابا… حكايات عن الخراب والأمل

  • ٠٢ كانون الأول ٢٠٢٥
  • خاص بيروت تايم

لاوون الرابع عشر للشباب، إزرعوا الخير في الخفاء، فالأوطان تزدهر بجذور طيبة لا تُرى.

إجتمع آلالف الشباب في الصرح البطريركي في بكركي في لقاء مع البابا لاوون الرابع عشر.  بداية قدم الشباب هدايا  بمثابة رسائل صامتة تختصر تجربة كاملة من الألم والشجاعة منها مجسّم الممرضة التي أنقذت طفلة يوم إنفجار مرفأ بيروت، إلى بذور القمح التي استعادت ذاكرة أهراءات المرفأ، وحجر من كنيسة القديس جاورجيوس المهدمة في الجنوب، وقطع الخشب والحديد التي حملت وجع الدمار، وجواز السفر الذي حمل رمزية الهجرة والأزمة الإقتصادية، وصولًا إلى شجرة أرز صغيرة، ثم طفل المغارة من شبيبة ذوي الإرادة الصلبة. كانت هذه الهدايا منصة حيّة جعلت البابا يشهد على حقيقة ما يصنعه الشباب من معنى في بلد يعاني.
ثم قدّم مجموعة من الشبان والشابات شهادات حية عن معاناتهم وسط الأزمات المتلاحقة، وعبروا عن عالمهم الداخلي بطريقة واضحة وذكية. جسدت عيشهم في بلد تنهكه الأزمات والتحديات اليومية.

تحدثوا عن إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب مؤكدين أنّه  دمّر القلوب قبل الحجر، لكنه لم يطفئ رغبتهم في النهوض والمساعدة. وإنتمائهم للبنان أقوى من الخوف، وإيمانهم بأنّ بذرة السلام يمكن أن تنمو حتى في أقسى الظروف. وأوضح أحد الشباب أنّ «ما من وطن يحيا من دون شبيبة تؤمن به»، مؤكّدًا أنّ لبنان يحتاج إلى أبنائه ليبقى حيًا رغم الصعاب. وشهادة من شابتين، مسيحية ومسلمة، قدّمتا تجربة شخصية عن التضامن واللقاء مع الآخر المختلف خلال الحرب الأخيرة.

أما خطاب البابا لاوون الرابع عشر فجاء ليعيد إلى وجدان الشباب اللبناني ما فقده منذ سنوات، القدرة على الإصغاء لصوت الأمل وسط الفوضى. لم يخاطب المؤسسات ولا الطبقة الحاكمة، بل توجّه مباشرة إلى الشباب، إلى الجيل الذي يقف بين الإرث المثقل والبحث عن معنى جديد لوطن يتأرجح بين الإنهيار والنهوض. وبكلمات تحمل معنى قيمياً توجه إليهم قائلاً:
« إن تاريخ لبنان متشابك باللحظات المجيدة، لكنه يحمل أيضًا جراحًا عميقة بطيئة الشفاء.
أيّها الشباب الأعزاء،ربما تشعرون بالأسف لأنّكم ورثتم عالمًا تمزقه الحروب ويشوهه الظلم الإجتماعي، ومع ذلك فهناك رجاء، بل إنّ الرجاء في داخلكم أنتم لديكم هدية يبدو أنّ الكبار قد فقدوها في كثير من الأحيان. لديكم الرجاء، لديكم وقت أطول لتحلموا، لتخططوا ولتفعلوا الخير. أنتم الحاضر، والمستقبل يتشكّل بالفعل في أيديكم. لديكم الحماس لتغيير مجرى التاريخ.
إنّ العداء الحقيقي للشر ليس الشر، بل المحبة؛ المحبة القادرة على شفاء جراح الإنسان نفسه والإعتناء بجراح الآخرين أيضًا.  مستشهداً بشهادات الشباب الذين تحدثوا عن خبراتهم فقال: «إنّ تفاني أنطوني وماريا في خدمة المحتاجين، ومثابرتهما، وسخاء جويل نبوءات لمستقبل جديد سيولد بالمصالحة والمساعدة المتبادلة. وهكذا تتحقق كلمات يسوع، طوبى للودعاء، لأنّهم يرثون الأرض. طوبى لصانعي السلام، لأنهم يُدعون أبناء الله.

أيّها الشباب الأعزاء، عيشوا في نور الإنجيل وستكونون مباركين في عيني الرب. وسيزدهر وطنكم لبنان من جديد، جميلًا وقويًّا كالأرز، رمز وحدة الشعب وخصوبته.
وأنتم تعرفون جيدًا أنّ قوة الأرز تكمن في جذوره التي تماثل في الحجم فروعه. فعدد الفروع وقوتها يعادلان عدد الجذور وقوتها. وبالمثل، فإنّ الكثير من الخيرات التي نراها اليوم في المجتمع اللبناني هي ثمرة العمل المتواضع والخفي والصادق لكثير من أصحاب الإرادة الطيبة. جذور الخير هذه لا تريد أن تُنمّي غصنًا واحدًا من أرز لبنان فحسب، بل الشجرة كلها بكل جمالها، من خلال الجذور الطيبة لأولئك المكرسين لخدمة المجتمع دون استغلاله لمصالحهم الخاصة. وبالتزام كريم نحو العدالة، خطّطوا معًا لمستقبل من السلام والتنمية.
وفي الختام أيّها الشباب الأعزاء، أود أن أترككم مع صلاة بسيطة وجميلة تُنسب إلى القديس فرنسيس الأسيزي:
"يا رب، اجعلني أداة لسلامك؛
حيث يوجد بغض، اجعلني أزرع المحبة.
وحيث يوجد جرح، الغفران.
وحيث يوجد انقسام، الوحدة.
وحيث يوجد شك، الإيمان.
وحيث يوجد خطأ، الحقيقة.
وحيث يوجد يأس، الرجاء.
وحيث يوجد حزن، الفرح.
وحيث يوجد ظلام، النور.