«تيك توك» لن يدفع… فهل وُلدت أزمة جديدة أم فُتحت نافذة إصلاح؟

«تيك توك» لن يدفع… فهل وُلدت أزمة جديدة أم فُتحت نافذة إصلاح؟

  • ٢٨ أيلول ٢٠٢٥
  • تيريزا كرم

«الوردة» و«الأسد» لا مقابل نقدي لهما، ضربة قاسية لشريحة واسعة من الشباب، وفرصة لتصحيح فوضى رقمية تخطّت كل الحدود.

في لحظة غير متوقَّعة، جفّ أحد أبرز مصادر الدخل «الرقمي» في لبنان. آلاف اللبنانيين الذين اعتادوا تحويل الهدايا الإفتراضية من تيك توك إلى أموال حقيقية، وجدوا فجأة أنّ «الوردة» و«الأسد» لم يعودا يساويان شيئاً خارج الشاشة، ثمّ كثُر الجدل: هل نحن أمام ضربة قاسية لشريحة واسعة من الشباب، أم أمام فرصة لتصحيح فوضى رقمية تخطّت كل الحدود؟

ومع توقّف الدفع، بدأ التساؤل عن الأسباب ؟

بحسب التقديرات، في حوالي 3.9 ملايين مستخدم لبناني على تيك توك، وعدد كبير منهم بنى مدخوله على الـبث المباشر ونسبة التفاعل اليومي.

التحليلات تربط القرار بالوضع المالي للبنان بعد إدراجه على «اللائحة الرمادية»، ما جعل أي تحويل مالي من أو إلى البلد خاضع لتدقيق صارم. فوق ذلك، رجّحت بعض المصادر أنّ شبهات غسيل الأموال لعبت دوراً في القرار، خاصة بعد ورود أسماء تيكتوكرز لبنانيين في تحقيقات مالية أثارت الريبة.

من الناحية الإقتصادية، هناك آلاف الأشخاص مهدّدين بخسارة مداخيلهم، ما يفتح الباب أمام بطالة رقمية جديدة. لكن من جهة أخرى، في رأي لا يقلّ أهمية يعتبر أنّ ما حصل«خير بحد ذاته». فالمحتوى على المنصة ينحدر بشكل خطير: تحرّش، دعارة مقنّعة، وإستغلال، وعراك مفتعل، وتسويق لفكرة «المال السهل» البعيد عن أي قيمة مهنية أو معرفية.

ربما يكون الأثر الأكثر خطورة لهذه الظاهرة هو الإحباط البنيوي الذي تزرعه هذه الظاهرة في نفوس الشباب الذين يتحضرون عبر الدراسة أو غيرها من التدريب المهني للدخول الى سوق العمل، إذ بدت رائجة بين أوساطهم الكثير منهم ذهنية التفاهة المهنية. ففي بلد يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور حوالي  312 دولاراً، كيف يمكن لشاب يقضي سنوات في التعليم الجامعي والعمل الشاق أن يرى «تيكتوكرز» يجني ما لا يقل عن  10 آلاف دولار شهرياً عبر بثّ مباشر لا يقدم قيمة مضافة حقيقية ولا يملك أي مهارات مهنية أو تحصيل علمي جدّي؟. هذه المفارقة الصارخة تخلق شعوراً باللامبالاة، وتجعل من التعليم والوظائف التقليدية مسارات غير مجدية في نظر جيل كامل. 

هذا ما يضعنا وجهاً لوجه أمام معضلة حقيقية هل ما حصل ضربة إقتصادية جديدة، أم فرصة لإعادة ضبط المنظومة الرقمية وإنقاذ ما تبقّى من القيم المهنية والإجتماعية، ووقفة ضرورية لمراجعة ما أصبحنا نعتبره «نجاحاً» وإعادة تعريف معنى التألق المهني؟