سوريا على مفترق طرق: رفع العقوبات.. هل يكفي لتجنّب الفوضى؟

سوريا على مفترق طرق: رفع العقوبات.. هل يكفي لتجنّب الفوضى؟

  • ٢١ أيار ٢٠٢٥
  • كالي يزبك

رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا فرصة تاريخية تواجه تحديات جمة، من إنقسامات داخلية وتوترات طائفية، إلى جماعات مسلحة تهدّد الإستقرار. فهل تنجح خطة الإنقاذ أم أنّ سوريا تتجه نحو فصل جديد من الصراع؟

رغم الإيجابية التي عكسها رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا، تواجه البلاد أخطارا حقيقية عبّر عنها بشكل واضح وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو في كلمته أمام الكونغرس، حيث حذرّ، من أنّ سوريا قد تكون على بُعد "أسابيع" من "الانزلاق الى حرب أهلية شاملة". وعبّر روبيو عن رغبة بلاده في مساعدة الحكومة السورية على النجاح "لأنّ البديل هو الحرب الشاملة والفوضى، مما سيؤدي الى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها". 
دعم الولايات المتحدة هذا بدا واضحًا. 
 أولًا، عبر تأمين غطاء دبلوماسي للسلطة الانتقالية السورية من خلال لقاء الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال تواجده في الرياض، ولقاء آخر جمع روبيو مع نظيره السوري في تركيا. 
ثانيًا، عبر إعلان ترامب رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، بكل ما له من انعكاسات إيجابية على الشعب السوري الذي يعيش حوالي 90% منه تحت خط  الفقر، وفقًا للأمم المتحدة. يأتي إعلان رفع العقوبات عن سوريا بعد 5 أشهر من سقوط نظام الأسد، كمحاولة لتعزيز صمود الحكومة الحالية في وجه المصاعب الجمّة التي تواجهها، فقد تلاشت الحماسة الشعبية للحكم الجديد مع استمرار تدهور الوضعين الاقتصادي والأمني خصوصًا في الساحل السوريّ والمناطق الجنوبية من البلاد. 
لاقى الإتحاد الأوروبي الخطوة الأميركية بخطوة مماثلة، إذ أعلن رفع العقوبات التي كان قد فرضها سابقا على سوريا. والخطوة الأوربية تعبّر بشكل واضح عن المخاوف من سقوط الحكم الجديد والعودة الى دوامة الحرب الأهلية في سوريا، حيث اعتبرت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الإتحاد الأوروبي، كايا كالاس "إنّنا لا نملك خيارًا آخر"، إذ انّ الإتحاد الأوروبي لم يكن يرغب برفعها دفعة واحدة وقد عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نية الإتحاد برفع تدريجي للعقوبات خلال لقائه الرئيس الشرع في وقت سابق. 
إنّ معالجة الوضع الاقتصادي في سوريا تتطلب أيضًا معالجة الوضع الأمني وانتشار السلاح مع مجموعات مسلحة كانت قد لعبت دورًا في مواجهة النظام السابق، أشهرها جماعة "جيش الموحدين" الدرزية، وما يُعرف ب “فلول النظام" من غالبية علوية وجماعة "جيش الإسلام" السنية. حيث إنّ دور هذه المجموعات كان له تداعيات سلبية على تماسك الحكم الجديد في دمشق من جرّاء المواجهات العنيفة فيما بينها، والتي اتخذت طابعًا طائفيًا، مثلًا أحداث الساحل السوري التي ظهرت على أنّها نزاع سني-علوي والمواجهات مع الدروز في المنطقة الجنوبية. 
كل هذه التوترات تأجج الأزمة وتزيد الشرخ بين مكونات الشعب السوري، وحيث  النزاعات الطائفية تعزّز شعور  الأقليات بالخطر الوجودي. وتحاول الحكومة السورية معالجة المعضلة الأمنية وتطبيق سيادتها على كامل أراضيها، وقد بدا ذلك واضحًا من خلال الاتفاق الذي وقعته مع الأكراد في نيسان/أبريل الماضي، ودعوة وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة المجموعات المسلحة الصغيرة الى الاندماج في الأجهزة الأمنية خلال عشرة أيام، مهدّدًا في اتخاذ إجراءات بحقها في حال عدم التجاوب.
أمام هذه الانقسامات العميقة، تجد السلطة السورية نفسها غير قادرة حاليًا على تلبية مطالب الولايات المتحدة، وأبرزها تطبيع العلاقات مع إسرائيل والانضمام الى اتفاقيات أبراهام، مع الإشارة الى انّ إسرائيل تدعم الفصائل الدرزية التي واجهت الحكومة وطالبت الانضمام الى الدولة العبرية.