رموز الحياة الجديدة في الفصح
«المسيح قام.. حقّاً قام… كما يُعلَنُ في كنائس الشرق. هذا الـ «حقًاً» يقول لنا إنَّ الرجاء ليس وهمًا، بل هو حقيقة! وأنّ مسيرة البشريّة من عيد الفصح فصاعدًا، مطبوعة بالرجاء».
وعيد الفصح، هو أساس الإيمان المسيحي، فالقيامة هي أهم حدث في الحياة المسيحية، حيث تقف كرمز للأمل في عالم مضطرب، باعتباره الحدث الذي قام فيه المسيح من بين الأموات ، و يمثل الفصح الإنتصار النهائي للخير على الشر ، و النور على الظلمة، والحياة على الموت. فجاء في رسالة بولس الرسول كورنثوس الأولى 15: 17-20
17- وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، لَكَانَ إِيمَانُكُمْ عَبَثاً، وَلَكُنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ، 18- وَلَكَانَ الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ قَدْ هَلَكُوا! 19- وَلَوْ كَانَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ يَقْتَصِرُ عَلَى هَذِهِ الْحَيَاةِ، لَكُنَّا أَشْقَى النَّاسِ جَمِيعاً! 20- أَمَّا الآنَ فَالْمَسِيحُ قَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ بِكْراً لِلرَّاقِدِينَ. 21- فَبِمَا أَنَّ الْمَوْتَ كَانَ بِإِنْسَانٍ، فَإِنَّ قِيَامَةَ الأَمْوَاتِ أَيْضاً تَكُونُ بِإِنْسَانٍ. 22- فَإِنَّهُ، كَمَا يَمُوتُ الْجَمِيعُ فِي آدَمَ، فَكَذَلِكَ سَيَحْيَى الْجَمِيعُ فِي الْمَسِيحِ».
الفصح.. إحتفال وتقاليد
«المسيح قام ونحن شهود على ذلك». هكذا يتجسّد الهتاف في عيد الفصح عند المسيحيين، ويليه عادات وتقاليد كثيرة تُتبع في الشرق والغرب.
تزين المنازل بأزهار الربيع وبأرنب الفصح، ويحضّر البيض المسلوق، ويوضع قبر فارغ في الكنائس، هي من العادات الإجتماعية المتعارف عليها، وبعضها يختلف من ثقافة الى أخرى. أما رتبة القيامة الدينية، فتتمثّل بقداس منتصف الليل أو قداس الفجر، يسبقه في بعض الليتورجيات المسيحية الشرقية رتبة الهجمة.
لهذا العيد معنى خاصّاً لدى المسيحيين. وقبل التعرّف على أبرز رموز عيد الفصح لا بدّ من العودة إلى أصله التاريخي، فبحسب بعض المؤرّخين، إقترن العيد بإحتفالات الربيع،حيث فُرِّغت من معانيها القديمة ولبست معنىً جديداً مرتبط بالتقليد المسيحي.
إذ إنّ التقاليد الرئيسية المتعلّقة به لها جذور وثنية في الحقيقة، خاصةً الروابط مع الآلهة «إيوستر» إلهة الربيع والخصوبة في الثقافة الأنجلوساكسونية القديمة، التي تشير إلى الولادة الجديدة والصحوة التي ترتبط بإحتفالات عيد الفصح الحديثة اليوم ومنها إستُقي إسم عيد الفصح بالإنكليزيةEaster)). ويرد بعض الباحثين هذه التقاليد في لبنان الى جذور كنعانية منها أسطورة أدونيس وعشتروت التي لبست حلّة بمعانٍ روحية مسيحية.
ويتداول أنّ أرنب عيد الفصح هو ممثّل للإلهة «إيوستر» ، حيث كان يضع أعشاشاً من البيض الملوّن للأطفال في يوم الأحد الأول من نيسان. أما بالنسبة لإرتباط البيض الملوّن بعيد الفصح، وإعتباره رمزاً من رموز الإحتفال باليوم، فيُعتقد أنه يعود إلى لعبة أطفال قديمة في القرون الوسطى حينما كان يُعطي الكاهن الأساسي في الكنيسة جوقة أطفال الغناء بيضة مسلوقة.
رمز الحياة الجديدة
وفي حديث مع الأب طوني كعدي، فيشرح عبر «بيروت تايم» دلالة الأرنب والبيض في الإطار الديني. على إختلاف العادات والتقاليد بين مختلف أنحاء الدول، يجتمع المسيحيون بالصلوات، بحسب ليتورجيا ولاهوت كلّ مذهب.
يعدّد الأب طوني كعدي رموز الفصح، مركّزاً على المعنى الديني لكلّ منها.
بدءًا من الخروف، فهو رمز إلى تضحية المسيح الذي حمل خطايا العالم بصليبه المقدّس. أمّا الرموز الأخرى، التي تندرج على لائحة العادات الإجتماعية، فهي البيض. يدلّ البيض على الحياة الجديدة، فكما يخرج الصوص الى الحياة، هكذا فتح المسيح باب القبر وقام من بين الأموات الى الحياة الجديدة. أمّا الورود ترمز إلى النمو والتجدّد حيث تتزيّن بها الكنائس في زمن الفصح، وبالنسبة للجرس، فهو يمثّل إعلان القيامة.
الأرنب وتلوين البيض
يرافق الأرنب الإحتفالات بالفصح فهو يرمز إلى الخصوبة والإنجاب. ويُقال إنّ أوّل من بادر إلى إعتماد الأرنب كرمز من الرموز الدالة على معاني الفصح هم الألمان الذين نقلوا عادتهم إلى مختلف شعوب العالم من خلال مهاجريهم. وبات الأرنب لا ينفصل عن عيد الفصح كرمز لتجدّد الحياة.
وبعضهم يعتقد أنّ تلوين البيض تعود حكايته إلى «مريم المجدلية حاملة الطيب الى القبر والشاهدة الأولى على القيامة عند القبر. ووصل هذا التقليد من خلالها فهي كانت ذات مستوى إجتماعي مرموق وعلى قدرٍ كبير من الغنى. بعد قيامة الربّ من بين الأموات، إستخدمت مريم مؤهّلاتها الإجتماعيّة لتحصل على دعوة إلى مأدبة أقامها الإمبراطور طيباريوس قيصر. عند وصولها بادرت القديسةُ الامبراطور بقولها: «المسيح قام!» فضحك ساخرًا منها وقائلاً: «إنّ قيامة المسيح من بين الأموات حقيقيّة مثل تحوُّل هذه البيضة التي في يدك إلى اللون الأحمر». فور انتهائه من الكلام لم تلبث البيضة أن تحوّلت إلى اللون الأحمر فصرخت المجدلية: «حقًّا قد قام المسيح بارزًا من القبر». لهذا السبب تُرسم القدّيسة مريم المجدليّة حاملة بيضة حمراء في يدها.

