الثورة تأكل أبناءها: هل يخطط الشيباني للإطاحة بالشرع؟
الثورة تأكل أبناءها: هل يخطط الشيباني للإطاحة بالشرع؟
يبدو أنّ الصراع داخل النظام السوري دخل مرحلة جديدة، ليست فقط مواجهة مع المعارضة، ولا مع الغرب، بل صراع على هوية الحكم نفسه ومن يحق له وراثة الخراب. فهل ينجح الشيباني في إزاحة الشرع؟
في كواليس الحكم السوري، تتكثف المؤشرات على تحركات غامضة يقودها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، توحي بأنّ الرجل لا يكتفي بتمثيل النظام دبلوماسيًا، بل يسعى بهدوء لبناء طريقه نحو الرئاسة حتى لو تطلب الأمر تقويض سلطة الرئيس الحالي أحمد الشرع.
من هو أسعد الشيباني وكيف وصل إلى السلطة؟
ولد عام 1987 في ريف الحسكة، وبرز إسمه خلال الثورة السورية كواحد من الوجوه الشابة الأكثر نشاطًا في المعارضة المسلحة، قبل أن ينتقل تدريجيًا إلى العمل السياسي و بين هذا و ذاك تشير معلومات إلى تلقيه دورات على يد المخابرات التركية.
تولّى مهام دبلوماسية غير رسمية لسنوات، ثم ظهر علنًا بعد سقوط نظام الأسد، ليُعيّن وزيرًا للخارجية في حكومة أحمد الشرع أواخر عام 2024. منذ ذلك الحين، بدأ يوسّع نفوذه بسرعة، ويقدّم نفسه كممثل «واقعي» لسوريا الجديدة.
لكن صعوده لا يقتصر على الظهور الخارجي. تقارير متقاطعة تشير إلى أنّ الشيباني شارك مؤخرًا في إجتماعات سرّية مع مسؤولين إسرائيليين في العاصمة الأذربيجانية باكو، جرت بوساطة مباشرة من روسيا، التي لعبت دور الوسيط الأساسي بين الجانبين. هذه اللقاءات، التي لم تُعلن رسميًا، جاءت في لحظة دقيقة سياسيًا، وطرحت علامات إستفهام حول طبيعة التفاهمات التي قد يكون الشيباني بصدد بنائها بعيدًا عن الرئيس إذا تشير معلومات من جهات دبلوماسية مطلعة أنّ الشيباني أبلغ الاسرائيليين أنّ الجولاني ليس على استعداد للتخلي عن كامل الجولان و يريد تحقيق إنجاز و لو باسترجاع جزء من الجولان الأمر الذي أزعج الصهاينة و أوحى إليهم أنّه غير متفق مع الشرع على رؤيته و لكنه الرئيس.
اللافت أكثر هو التزامن الغريب بين هذه اللقاءات وبين اندلاع الصراع الدموي في السويداء ذات الغالبية الدرزية. فبعد أيام فقط من إنتهاء الإجتماعات، أعطى الشرع الضوء الأخضر لشن حملة عسكرية قاسية على مواقع درزية أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى تخللها إنتهاكات مسيئة بحقّ مشايخ دروز وتسبّبت بصدمة في الشارع السوري.
هل كان القرار عفويًا؟
مصادر داخلية تؤكد أنّ الشيباني هو من دفع الرئيس نحو هذا القرار بعد تزويده بتقارير أمنية مضلّلة عن وجود تمرّد درزي منسق مع الخارج، وأنّ لا فيتو إسرائيلي على إخضاع الدروز. ويرجح أنّ الهدف الحقيقي من هذه الخطوة لم يكن القضاء على الخطر، بل إيقاع الشرع في فخ سياسي وأخلاقي، يظهره بمظهر القامع للأقليات، ويفتح المجال لتدخّل إسرائيلي محسوب قد يضعف سلطة الرئيس داخليًا.
وبالفعل، ما إن بدأت الإشتباكات حتى استهدفت إسرائيل مواقع عسكرية تابعة للنظام في الجنوب في رسالة بدت وكأنّها ضوء أخضر لغض النظر عن تفكك داخلي قادم.
من هنا، تبرز فرضية خطيرة، هل يعمل الشيباني بالتنسيق مع الإسرائيليين على تحضير مرحلة ما بعد الشرع؟
بالنسبة لإسرائيل، فإنّ الشيباني شخصية مثالية من داخل النظام، فهو غير متورط مباشرة في الجرائم الكبرى ويمتلك شبكة علاقات غربية وإقليمية واسعة. أمّا داخل سوريا، فالشيباني بدأ بالفعل بإحكام قبضته على مفاصل وزارة الخارجية وأعاد توزيع الولاءات فيها وعزّز علاقاته مع ضباط بارزين في الأمن والجيش.
كل هذه التحركات تُقرأ كخطوات ممنهجة نحو مشروع سلطة بديلة. ومع كل ضربة يتلقاها الشرع، تزداد فرص الشيباني في طرح نفسه كبديل أكثر عقلانية، أكثر انفتاحًا، وربما وهذا الأخطر أكثر قابلية للتعامل مع إسرائيل.
لكن هل يسمح له النظام العميق بهذا الإنقلاب الناعم؟
في سوريا، حيث تتشابك الأجهزة والولاءات، أي تحرّك غير محسوب قد ينقلب على صاحبه. إلا أنّ ما يجري حاليًا لا يبدو مجرد طموح فردي بل عملية سياسية وأمنية مركبة تدار بصمت وتتقدم بثبات.
وهكذا، يبدو أنّ الصراع داخل النظام السوري دخل مرحلة جديدة، ليست فقط مواجهة مع المعارضة، ولا مع الغرب، بل صراع على هوية الحكم نفسه ومن يحق له وراثة الخراب.
فهل ينجح الشيباني في إزاحة الشرع؟ أم أنّ هذا الطموح سيتحول إلى نهاية سياسية وربما جسدية مبكرة الأكيد أنّ المعركة بدأت ولن تنتهي بهدوء!