جورج عبدالله… «رمز سابق للنضال الفلسطيني»
جورج عبدالله… «رمز سابق للنضال الفلسطيني»
سيترك الرجل البالغ من العمر 74 عاماً زنزانته المليئة بـ 40 عاماً من الصحف والرسائل، وسيزيل علمه الأحمر الخاص بتشي غيفارا من الجدار، ثم سيستقل الرحلة إلى لبنان.
قصة جورج عبد الله من «الخطر العام» إلى الحرية «أنا مقاتل ولست مجرماً… بهذه العبارة الشهيرة يُعرّف اللبناني جورج إبراهيم عبد الله نفسه. فمن هو هذا الرجل الذي سيُفرج عنه في 25 تموز بعد 40 عاماً في السجن، والذي يُعتبر أحد أقدم السجناء في فرنسا و«رمزاً سابقاً للنضال الفلسطيني»؟
لفهم قضيته، يجب العودة إلى الثمانينيات، حين كان جورج عبد الله «العدو العام رقم واحد» في فرنسا. لم تكن شهرته نابعة من قضيته الأصلية، بل لأنّه تمّ الإعتقاد خطأً لفترة طويلة بأنّه وراء موجة الهجمات الإرهابية التي أدت إلى مقتل 13 شخصاً بين عامي 1985-1986. وقد تم تحديد المسؤولين الحقيقيين، وهم مؤيدون لإيران، بعد شهرين فقط من صدور الحكم بالسجن المؤبد على عبد الله.
أما التهمة التي سُجن بسببها عام 1984 وحُكم عليه على إثرها بالمؤبد عام 1987 فكانت التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين أمريكي وإسرائيلي. ورغم أنّه لم يعترف أبداً بتورطه، فقد وصفها دائماً بأنّها «أعمال مقاومة» ضد «القمع الإسرائيلي والأمريكي» في سياق الحرب الأهلية اللبنانية والإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، رافضاً التخلي عن قناعاته. خلال سنوات سجنه الطويلة، تحوّل عبد الله إلى أيقونة للنضال. كان ينتمي الى مجموعة من المقاومين العلمانيين اللبنانيين المؤيدين للقضية الفلسطينية قبل أن تتحول المقاومة الى مقاومات إسلامية بحتة
لم يكن نجماً تلفزيونياً أو متحدثاً بإسم أي حزب، رغم ذلك ارتفعت صورته في التظاهرات من بيروت إلى باريس، ومن نابلس إلى مارسيليا، للمطالبة بالإفراج عنه. كُتبت عنه القصائد، وصُوّرت حوله الوثائقيات.
كان عبد الله، المحتجز في سجن «لانميزان» في منطقة البيرينيه العليا، مؤهلاً للإفراج عنه منذ سنوات، لكن طلباته المتكررة باءت بالفشل، حيث عارضت النيابة العامة والولايات المتحدة بشدة كل
طلب بحجة أنّه «غير نادم».
جاءت نقطة التحول حين أصدرت محكمة الاستئناف في باريس قرارها، معتبرة أنّ مدة احتجازه «غير متناسبة» مع الجرائم المرتكبة، وبأنّ هذا السجين «المسن»، الذي يطمح إلى «قضاء أيامه الأخيرة» في قريته القبيات شمال لبنان. ولم يعُد يشكل خطراً على النظام العام، وأنّ منظمته تمّ حلها منذ العام 1984 ولم ترتكب أي عمل عنيف منذ ذلك الحين.
وفي مواجهة حجة «الندم»، قال محاميه جان لوي شالانسيه: «مفهوم الندم غير موجود في القانون الفرنسي»، قائلاً للقضاة: «قلت لكم إما أن تفرجوا عنه، أو تحكموا عليه بالإعدام»
بعد صدور القرار، أضاف المحامي: «هذا انتصار للعدالة وفضيحة سياسية لعدم صدور الحكم قبلاً، وذلك يعود إلى سلوك الولايات المتحدة وسائر الرؤساء الفرنسيين المتتالين»
سُيفرج عن جورج عبد الله في 25 تموز 2025، بعد أن طواه النسيان، باستثناء حفنة من المخلصين الذين يتظاهرون كل عام أمام سجنه أو بعض البرلمانيين اليساريين، شرط أن يغادر الأراضي الفرنسية على الفور.
وسيترك الرجل البالغ من العمر 74 عاماً زنزانته المليئة بـ 40 عاماً من الصحف والرسائل، وسيزيل علمه الأحمر الخاص بتشي غيفارا من الجدار، ثم سيستقل الرحلة إلى لبنان الذي طالب بالإفراج عنه لسنوات.